في كتابه «محمد والإسلام» يقول المفكر السويسري «يوهان دي كنرت..» كلما ازداد الباحث تنقيبا في الحقائق التاريخية الوثيقة المصادر في الشمائل المحمدية ازداد احتقاراً لأعداء محمد ««صلى الله عليه وسلم» »، أمثال انجلز وبريدر وماركس وغيرهم من آرائهم القديمة حيث اشرعوا أسنة الطعن في محمد «صلى الله عليه وسلم» قبل ان يعرفوه ويدرسوا دعوته، فنسبوا إليه ما لا يجوز ان ينسب إلى رجل عادي، فضلاً عن رجل كمحمد ««صلى الله عليه وسلم»» الذي يحدثنا التاريخ بأن عقيدته ودعوته الإسلامية مستمدتان من الله سبحانه وتعالى.
الإسلام والوحدانية المطلقة
ويرى المستشرق الإنجليزي الكولونيل «بودلي» في كتابه «حياة محمد» ان محمداً «صلى الله عليه وسلم»، لم يزعم لنفسه صفة إلهية على الإطلاق بل صرح كثيرا انه بشر يوحى إليه، وان السبب في سرعة انتشار الإسلام عن غيره من الأديان هو عدم ادعاء النبي لصفة الإلوهية.
ويقول الكولونيل «بودلي» إن ما يروجه بعض المتعصبين من الكتاب والمستشرقين وما راحوا يروجونه من أباطيل وسخافات عن الإسلام منذ الحروب الصليبية مرجعه أنهم لم يفهموا محمدا «صلى الله عليه وسلم» وشريعته، بل أصروا على عدم فهمه عن عمد وقصد. ويقول: إن دعوة الإسلام هي التسليم لإرادة الله والإيمان بوحدانيته المطلقة.
أكبر الدلائل
ويقول المستشرق الأميركي «جيبون» في كتابه «المسلمون» إن دين محمد «صلى الله عليه وسلم» خال من الشكوك والظنون العقلية، والقرآن اكبر الدلائل على وحدانية الله، فبعد ان أنهى محمد ««صلى الله عليه وسلم»» ،عبادة الأصنام والكواكب نجد بالجملة ان دينه اكبر من ان تدرك عقولنا إسراره وإعجازه وخباياه، ومن يتهم محمدا «صلى الله عليه وسلم» في خلقه أو تفكيره أو تشريعه، فإن ذلك من سواء التدبر أو بدافع من العصبية الرعناء، ويكون خيرا للإنسان ان يكون معتدلا في آرائه، مستقيما في تصرفاته، منصفا في إحكامه على الآخرين.
الدين القويم
ويرى المستشرق الإنجليزي «روبرتن سميث» ان من حسن الحظ الوحيد في التاريخ البشري ان محمداً «صلى الله عليه وسلم» أتى بكتاب آية في البلاغة ودستور للشرائع والصلاة والدين والدنيا في آن واحد، وان القرآن الكريم كتاب خليق بإيجاد حلول لمشكلات البشرية قاطبة.
ويقول سميث في كتابه «أحوال العرب قبل وبعد الإسلام» لقد كان العرب قبل الإسلام على جانب كبير من الغلظة والخشونة ويعيشون على الغزو والنهب في اغلب الأحيان، وقد جاء محمد صلى الله عليه وسلم في أواخر القرن السادس فدعاهم إلى دينه، وأعلن انه لا يجوز اتخاذ الحجارة أربابا من دون الله، وكان محمد على خلق عظيم فاتبعوه بعد ان لاقى منهم الأذى حيث دعاهم إلى دينه القويم وعرفوا انه دين لا يصادم الخير والإنسانية، وانه جاء لصلاح المجتمع.
الشمائل المحمدية
أما المستشرق الفرنسي «كرادي فو» فيقول في كتابه «مفكرو الإسلام» لقد كان العرب في جاهليتهم يرتكبون الجرائم، ويفعلون المنكرات حتى جاء «محمد «صلى الله عليه وسلم»» فأصلحهم ودعاهم إلى دين جديد ذي مبادئ شريفة سامية، فوحد صفهم وأصلح أمرهم، وإذا بالعرب امة لها شأنها وكيانها وحضارتها، وتم لمحمد «صلى الله عليه وسلم» ما كان يريده منهم، وإذا بدينه في طليعة الأديان السماوية، رقي وعظمة وحضارة.
ويقول «فو» في كتاب آخر الإسلام والعبقرية السامية، من المعروف عن محمد «صلى الله عليه وسلم»، انه مع أميته كان أرجح الناس عقلا، وأفضلهم رأيا وابلغهم حديثا وأصوبهم معنى، وأدقهم وصفا، وكان دائم البشر ومطيل السمة لين الجانب وسهل الخلق، يكثر الذكر ويقل من اللغو، يستوي عنه في الحق القريب والبعيد والقوي والضعيف، يحب المساكين ويعطف عليهم، لا يحقر فقيرا لفقره، ويساير من يجالسه، ولا يسحب يده من مصافحة حتى يهم المصافح بسحبها، يجلس على الأرض، ويخصف النعل ويرفع الثوب، ومع ذلك ربى جيلا ملكوا زمام العالم في خلال نصف قرن من الزمان..
ويقول الشاعر الفرنسي الشهير ألفونس لامارتين المعروف برائد الرومانسية والمولود عام 1790م كلاماً رقيقا عن الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» ..يقول من ذا الذي يجرؤ من الناحية البشرية على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد؟! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه،عند النظر إلى جميع المقاييس التي تقاس بها عظمة الإنسان؟! أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة وافيه، وأدركت ما فيه من عظمة وخلود. أي رجل أدرك من عظمة الإنسانية مثلما أدرك محمد، وأي إنسان بلغ من مراتب الكمال مثل ما بلغ، لقد هدم الرسول المعتقدات الباطلة التي تتخذ وساطة بين الخالق والمخلوق.
جوته
ولقد كان من أكثر ما ميز الشاعر الألماني الأشهر جوته عن كثير من أدباء الغرب الإطلاع على الأدب العربي الثري وألف كتاب (الديوان العربي الشرقي) بل أكثر من ذلك فكتب مسرحية عن (محمد «صلى الله عليه وسلم») وصفه فيها بأنه جاء بأفكار عالمية جديدة ليشيع السلام والمساواة والإخاء في العالم حتى إنه قال في الإسلام: يقول جوته .. يا لحماقة البشر عندما، يصر كل منا على رأيه، إذا كان الإسلام معناه، أن نسلم أمرنا لله، فعلى الإسلام نعيش ونموت كلنا .
كما تأثر جوته بالفكر الأدبي العربي فبعد ترجمة جوته مسرحية (محمد) لفولتير بدأ في كتابه مسرحية عن محمد «صلى الله عليه وسلم» إلا انه لم يتم كتابتها وقد وجدت بعد وفاته مخطوطات بها مشاهد من هذه المسرحية والتي يظهر منها ان جوته أراد أن يكتب نصاً منصفاً عن هذه الشخصية العربية الإسلامية العالمية حتى إنه صور النبي «صلى الله عليه وسلم» هادياً للبشر في صورة نهر يبدأ التدفق رقيقاً هادئاً ثم لا يلبث أن يندفع في شكل سيل عارم آخذاً معه البشرية نحو النهر المحيط (رمز الألوهية). فيقول: وهكذا يحمل إخوانه، أحباءه وصغاره، إلى الخالق المنتظر، بقلب عاصف بالسرور.
التفرقة العنصرية
المستشرق النمساوي «جوزيف اوبرمان ج» في كتابه «مهد الإسلام يقول ..» الإسلام هو النظام المثالي الفريد الذي يحتاج إليه العالم في عصرنا الحاضر ومحمد «صلى الله عليه وسلم» أعظم المصلحين ومقدرته الخارقة في تقويم قومه وتهذيب أخلاقهم وتحويلهم من رعاة فظاظ الطبع إلى رجال يصنعون التاريخ، ما أحوجنا اليوم لأن يكون بيننا مثل هذا الرجل العظيم أو حتى نقتدي بسنته وتعاليمه.
ويقول: إن سيرة عظمة محمد «صلى الله عليه وسلم» من اشق الأمور على الدارس أو الباحث لأن نبوغه من النوع المركب الغريب، فهو بحق أول من أنهى التفرقة العنصرية في قول بسيط شامل «المسلم اخو المسلم» لقد حل القضية في ثلاث كلمات، أما اليوم فمشكلة التفرقة العنصرية انعقدت بشأنها عشرات المؤتمرات ومئات الكتب حاولت معالجتها دون جدوى ويقيني ان الحل لن يأتي الا في القرن المقبل، ومحمد «صلى الله عليه وسلم» قد حلها منذ أربعة عشر قرنا.
أعظم رسول عرفه التاريخ
ويرى المستشرق الفرنسي «دي ساسي» انه لا يوجد دين في العالم مثل الإسلام في شموليته وحيويته وصلاحيته لكل زمان ومكان. ويقول: كيف لا وبانيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام المعروف منذ نعومة أظافرة بالصدق والأمانة والوفاء والتواضع والإخلاص فضلا عن منطقه السديد ورأيه البالغ الحكمة.
ويقول المستشرق المجري المسلم «عبد الكريم جرمانوس» في كتابه «نهضة الثقافة العربية» لن يجود الزمان بعبقرية مثل محمد «صلى الله عليه وسلم»، ونبوته لا مراء فيها، ورسالته أنقى الرسالات والقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يخاطب العقل فيفحمه، والقضايا الواردة فيه جميعها تخضع للموازين المنطقة بلا موارية أو ألغاز.
وفي كتاب «الله اكبر» يقول عبد الكريم جرمانوس، ان تعاليم القرآن الكريم هي أوامر الله، وهي مرشد ابدي للبشر، انه كتاب ملؤه الصراحة والوضوح لمن صدقت رغبته في تفهمه، وان محمداً «صلى الله عليه وسلم» لأعظم رسول عرفه التاريخ مؤيد بوحي من عند الله ونحن مأمورون ان نفهم تعاليمه ونطبقها على شؤون حياتنا الدنيوية مع الإيمان بأن ما أوحي به إليه إنما هو أساس لا يهتز ولا يتعثر لكونه إلهيا.
صفات الكمال
ويقول المستشرف الألماني «تيودور نولدكه» نزل القرآن على محمد «صلى الله عليه وسلم»، نبي المسلمين بل نبي العالمين لأنه جاء بدين عظيم إلى العالم اجمع، شريعته كلها آداب وتعاليم سامية، وأجدر بنا ان ننصف هذا النبي الكريم في الحديث عنه لأننا لم نعلم عنه إلا كل صفات الكمال، فكان جديرا بالتكريم والتقدير والاحترام.
ويقول المستشرف الاسباني «اريك بنتام» في كتابه «الحياة» إن الإسلام وتعاليم رسوله الكريم «صلى الله عليه وسلم» قد تأصلت في نفوس المسلمين وأوجدت فيهم مناعة ضد قبول أي دين آخر، وميزة الإسلام الفريدة تعود إلى انه لا يرضى ان يكون هناك شريك لله.
ويقول: ولذلك فإن الإسلام هو دين الوداعة والوفاق والصدق والأمانة فلو أنصفنا أنفسنا لوحدنا صفوفنا مع المسلمين، ولنبذنا ما فينا من عصبية عمياء، أوجدها لنا ذوو المطامع اللاهوتية وسنها لنا من دفعت به شهواته للحيد عن الطريق القويم.
الإسلام دين الرقي والكمال
ويقول المستشرق الايطالي «ميشيل أماري» في كتابه تاريخ المسلمين في صقلية، لقد جاء محمد ««صلى الله عليه وسلم»»، نبي المسلمين بدين إلى الجزيرة العربية يصلح لأن يكون دينا لكل الأمم، لأنه دين كمال ورقي، دين دعوة وثقافة، ودين رعاية وعناية، لا يجوز لنا ان ننقصه أو نعيبه، وحسب محمد «صلى الله عليه وسلم» ثناء عليه انه لم يساوم أو يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته على كثرة فنون المساومات وإغرائها واشتداد المحن وهو القائل «لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الأمر ما تركته» يا لها من عقيدة راسخة وثبات لا يقاس بنظير مماثل، وهمة تركت العرب مدينين لمحمد «صلى الله عليه وسلم» اذ تركهم أمه لها شأن في تاريخ البشرية.
سيرة الرسول
أما المستشرف الفرنسي «ماكس فانيان فيري » ان محمداً «صلى الله عليه وسلم» من اكبر مريدي الخير للإنسانية وان ظهوره للعالم اجمع إنما هو اثر عقل راجح.
ويقول فانيان: إن من الظلم الفادح ان ننال من حق محمد «صلى الله عليه وسلم» أو ان نتهاون في وضعه بمكانته اللائقة به، فقد جاء إلى بلاد العرب وهم على ما علمناه من الحقد البغيض قبل بعثته ثم تغيرت أحوالهم الأخلاقية والاجتماعية والدينية بعد الجهر بدعوته، وعموما مهما ازداد المرء اطلاعا على سيرة محمد «صلى الله عليه وسلم» ودعوته فلن يلم بالجوانب المضيئة الخفية في تاريخه، انه لا يجوز ان ينسب إلى محمد «صلى الله عليه وسلم» ما ينقصه. وعلى المنصف أولا ان يدرك أسباب إعجاب الملايين بمحمد «صلى الله عليه وسلم» ويعلم سبب محبتهم إياه وتعظيمهم له.
ويرد المستشرق الهولندي سنوك «هرجرونجه» على افتراءات المستشرف السويسري «جريم» بقوله: اننا نرى ان الأستاذ جريم لو اقتصر على دراسة سيرة النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» وبحثها في عمق لكان أفضل، وان الثمار التي كان يجنيها من مثل هذا الدرس هي أجدر ببلوغ الغاية التي توخاها، لقد أراد جريم، ان يطرق الناس بنبأ جديد ففشل فشلا ذريعاً بمحاولته طبع نبي الإسلام بالاشتراكية وبطابع الروح الاشتراكي.
ويقيني ان الاشتراكية اعجز من ان تأتي بدين أو نظام اجتماعي مثل الدين الذي أتى به محمد «صلى الله عليه وسلم» أو إيجاد مجتمع متجانس سوي مثل ما فعل محمد «صلى الله عليه وسلم».
محمد أضاء ارجاء العالم
وفي مقدمة ديوان الحماسة لأبي تمام للمستشرف الألماني «فردريك روكيرت» يقول: ان ما أتى به محمد ««صلى الله عليه وسلم»»، من إصلاحات لشعبه والعالم جديرة بكل احترام وتقدير، لقد حول امة خاملة إلى شعلة من النور أضاء ارجاء العالم، وإعجاز ما أتى به محمد عليه الصلاة والسلام يتمثل في انعدام مقومات أي نجاح لما أقدم عليه في وقته ولكن صدق النوايا وشرف مقصده جعلته يجعل المستحيل امراً واقعا للعيان.
مثالية أخلاقية نادرة المثال
ويقول المستشرف الفرنسي «هنري ما سيه» في كتابه «الإسلام» إذا بحثنا عن محمد عليه الصلاة والسلام بحثنا إجمالية نجده ذا عقلية عظيمة التفكير، ان مداركه «صلى الله عليه وسلم» تمثل شخصا، يؤمن إيمانا منطلقا بوحدانية الله وبحتمية الحياة الأخرى ويتصف برحمة خالصة ونادرة، ومثالية أخلاقية نادرة المثال يضاف إلى ذلك حزمة في الرأي والاعتقاد.
إعداد: مصطفى خليفة